الأردن في مواجهة الفوضى السورية ..
للكاتب والمحلل الأمني د. بشير الدعجه.
وسط الانهيار المتسارع للجيش السوري وصعود الفصائل المسلحة على حساب الدولة، يواجه الأردن تهديدات غير مسبوقة على حدوده الشمالية... سيطرة الميليشيات المتطرفة، وعلى رأسها الجماعات الموالية لهيئة تحرير الشام، على مناطق واسعة من سوريا، وامتدادها إلى معبر نصيب الحدودي، باتت واقعاً ينذر بالخطر... المعبر، الذي كان شرياناً تجارياً واقتصادياً رئيسياً بين البلدين، أصبح اليوم نقطة اشتعال تؤثر مباشرة على أمن المملكة، مما دفع الأردن إلى اتخاذ قرار حاسم بإغلاق معبر جابر لحماية أراضيه من تسلل الفوضى.
في المقابل، تزداد المخاطر مع استمرار هذه الفصائل في التمدد من إدلب وحماة وحلب، لتقترب بشكل مقلق من محافظة حمص، خط الدفاع الأخير عن العاصمة السورية دمشق... انهيار هذا الخط يعني أن الأردن قد يواجه مستقبلاً تهديداً مباشراً وغير مسبوق، حيث يمكن أن تصبح حدوده معبراً للفوضى والتطرف... ما يزيد الوضع تعقيداً هو احتمالية تصاعد محاولات التسلل وتهريب الأسلحة والمخدرات، اضافة الى هجرات اللجوء القصري للسوريين تجاه الاردن... ما يشكل ضغطا على البنية التحتية وما يرافقه من أزمات اقتصادية واجتماعية وامنية....الخ ما قد يشكل تهديداً وجودياً لاستقرار المملكة وأمنها القومي.
أمام هذا المشهد المُلتهب، لم يعد هناك مجال للتردد.... على القوات المسلحة الأردنية أن تبقى في أعلى درجات الجاهزية والاستعداد لمواجهة أي تهديد محتمل.... والمطلوب اليوم تعزيز الانتشار العسكري على الحدود الشمالية، مع تزويد هذه القوات بأحدث المعدات التقنية، بما في ذلك أنظمة المراقبة والطائرات المسيّرة.... كما يتوجب إرسال رسالة قوية وواضحة لأي جهة تُفكر في اختراق الحدود الأردنية: "أن المساس بأمن الأردن هو خط أحمر سيواجه برد قاسٍ وحاسم".
لا بد أيضاً من تكثيف التعاون الأمني مع الحلفاء الإقليميين والدوليين، لضمان مراقبة دقيقة للتحركات على الجانب السوري... الفوضى على الحدود ليست مجرد أزمة عابرة؛ إنها تهديد حقيقي يتطلب موقفاً حازماً... وعلى الأردن أن يكون مستعداً لكل الاحتمالات، بما في ذلك تصعيد المواجهة مع هذه الجماعات إذا دعت الحاجة.
الأردن اليوم أمام معركة دفاع عن سيادته وأمنه الوطني، وهذه المعركة ليست اختياراً بل ضرورة وجودية... فأي تهاون أو تأخير في اتخاذ الإجراءات المناسبة سيمنح هذه الجماعات المتطرفة فرصة لتهديد أمن واستقرار المملكة... إن القوات المسلحة الأردنية، المعروفة بقدرتها وكفاءتها، هي الدرع الحامي، لكن هذه المرحلة تستدعي تصعيداً في الاستعداد والردع... فالرسالة واضحة: "الأردن لن يسمح بأن تكون حدوده ساحة للفوضى، وأمنه الوطني ليس محلاً للتفاوض أو التهاون"...وللحديث بقية .